Friday, January 11, 2008

قصتي مع الجزائر

بقلم مصطفى منيغ
المقدمة الصغرى / 1

المتحدث عن الجزائر واجب عليه التوفر على شروط قد يتجاوزها حتى التعداد الخاص التالي
عاشرا : أن يكون مدركا عمق الخطورة المقبل عليها في هذا الظرف بالذات والبلدين المجاورين ( رغما عن أنفهما بحكم الطبيعة ، والتصوير من الفضاء لا يترك أدنى شك أن " السعيدية " امتداد ل: " بور سعيد " ، وهذا الأخير خلفية لا يحدها إلا حكم البشر ل: "السعيدية"، دون الدخول في تفاصيل أخرى ، انطلاقا من " عين الصفرا" ، إلى " بني ونيف " ،إلى " زوج بغال" ، فأصحاب الأراضي المعنية لا يخفيهم سر ما أقصد ) على غير وفاق ... خاصة إن كان المتحدث ، كما سأفعل ، ينطلق من الحياد الإيجابي ، الذي لا تسوقه العاطفة الجوفاء لتفضيل هذا الجانب على ذاك إلا مدافعا عن الحق ، متمسكا بإنصاف كل الزوايا ، وإن كانت إحداها سياسية بالطبع .
تاسعا : أن يكون دارسا لتاريخ الجزائر قبل وبعد الاستقلال . واهم من يذهب إلى فقدان هذا الكيان الضخم والمهم في إفريقيا والعالم، مكنزمات التاريخ واستمرارية تعامله مع الأحداث بنفس الحماس والجدية ، ونزولا لضوابطه المقاس عليها تخصصه في مجال تحركات الحياة البشرية إلى أن يرث الله سبحانه وتعالى الأرض ومن عليها ، لتشعب الوقائع وعدم وضوح رؤاها وحصر معلوماتها الصحيحة بين أطراف قلة لأسباب قد نصل لمعالجة جوانب منها قدر المستطاع .. واهم ، لأن الشعب الجزائري لم يفقد ولن يفقد مقومات تشبثه بما يلج في خصوصياته الفريدة من نوعها من حيث العقلية المتوارثة جيلا بعد جيل ، ونكهة اللغة المخاطب بها ( عربية عامية أو فصحى كانت ، أم قبائلية) بخاصية لا تتكرر إلا في الجزائر طولا وعرضا ، وتلك الهوية التي أراد الاستعمار الفرنسي على امتداد قرن ونيف طمسها ولم يجد إلى ذالك سبيلا . وقبل الفرنسيين حاول الأتراك ، فلم يتركوا غير ألقاب وأسماء أعظمها تبدد من تلقاء نفسها ، وأخرى ، وإن عثرت على موقع قدم فقد اكتفت برسم للذكرى لا أقل ولا أكثر .
ثامنا : أن يكون مختلطا بصيغة المستقبل مع المجتمع الجزائري شمالا وجنوبا وشرقا وغربا ، مؤهلا لذلك انطلاقا من " كان " بصيغة الماضي ، ما دامت المسافة بين الصيغتين تتواصل بمتابعة يومية يغوص الفكر أثناءها مع ما يجري على أرض الواقع لإنتاج إجابات على أسئلة ثلاث : لما ؟ ، ومتى ؟ ، وكيف ؟ . " ورقلة " ، ك: " وهران " ، ك:"تلمسان"، مدن جزائرية حقا ، لكن لكل منهن ، كعشرات المدن الأخرى المزروعة على خريطة الجزائر ، اعتزاز يفسر بتشبث جميعهن بما يضفي على أي واحدة منهن جمالية موقف ، أو عبقرية إضافة معلمة صارعت الزمن لجدارة ما ترمز إليه ، فظلت شاغلة حيزا في ثقافة شعبية داخل محيط نظيف من شوائب التقليد الأعمى المستورد من بلا د لا تعترف بالأصالة المحلية ولا تحترم البداية .
سابعا : أن يكون على توافق أكيد مع ضميره،ما دامت كتابة مبنية على أسس علمية تخص ركنا من أركان يحيا الإنسان معها مستكشفا عالمه الخاص به للدفاع عن ترسخه كأمانة حمله إياها عند النضج السلف الصالح مدونة في وثيقة لا يحصرها زمان ، ولا يضبطها تيار سياسي دون آخر ، منطلقة عبر الهواء المستنشق و الشعور بالكرامة كأهم احتياطي مصان داخل وجدان تربى صاحبه على قناعة أن الأمس كاليوم كالغد لا يساوي الفرد الجزائري فيه أية قيمة إن فرط في اختيار توجهت الجزائر بما فيها وما عليها بتعاقب العصور والأحقاب لتضع نفسها في قالبه مهما طغت الحضارة المستوردة لقوة مصدرها وإشعاع انجازاتها العلمية الباهرة ، تبقى " العمامة" الجزائرية المشهود لرونقها ، وذاك "السلهام " الذي زاد الأمير عبد القادر الجزائري البطل هيبة على هيبة وهو يرتديه مندفعا يخاطب ( الند للند) أعتى قوة استعمارية آنذاك (فرنسا ) أن للرجال الشرفاء الأحرار في الجزائر هدف أسمى إما المجد أو اللحد. ( يتبع)

No comments: