Wednesday, February 11, 2009

قصة فصيرة/8

من هذه يا صديقي ؟
بغير افتعال لفرصة داهمة ، وبلا اختلاق لهنيهة يتيمة وجد نفسه وجها لوجه معها . توقف الزمان هكذا ظل واهما نفسه دون مجال للتصديق. أشرقت الأنوار بعد ليل بهيم ، تدلت من شرفة ماضي كانت مقام تعلمها فن الترقب من الأعلى في بيت صبغه دخان شواء الكباب حينما ارتمي على جدرانه انطلاقا من دكان المواعيد غير المحددة . بذاك تلعثم لسانه مخاطبا وجدانه في صمت ينقش اصطداما روحيا بين رجل وامرأة غابا لعقود أربعة فتجمعا صدفة وسط الدرب والسماء تمطر كأنها تغسل ضباب ذاكرتيهما لتنساب الذكريات تملأ الجفون الأربعة بدموع الفرح تعوض الحبر في تزويد قلم التسجيل العفوي للحظة اللقاء المعجزة بما يليق من نبضات قلبين وما يروق لصراخ مدفون داخل صدرين ذبل سطحهما واحتفظ باطنهما على نضارة يانعة ، فالحب الصادق لا يشيخ ، يبقي على عنفوانه أنشودة للخلايا منتسبة للدم كانت أم للدماغ ، تتغنى وسط عوالم يغيب العقل متى فكر في تصور ارتباطها في وفائها لحدث يجعلها قادرة على الاستمرار رغم فقدان أجمل دافع لذلك
… لقد كانت كل شيء بالنسبة إليه . أحبها وهو مقبل كشاب على مباهج تفوقه الدراسي وما أهله ذاك لشغل منصب يفتح براتبه الشهري بيتا يضمهما معا في سعادة عشقتها فيهما المدينة بمن عرف فيها قصتهما التي ترددت على كل لسان بالاحترام والتقدير والإعجاب ، لكن هو يوم مقدر حل بتعاسة التصقت بكيانه ما بقي على وجه الأرض يمشي ، لقد اقترب صديق من جلستهما على عتبة باب زقاق تخفيهما من عيون عائلتها وخاصة شقيقها الأكبر العصبي المزاج غير المؤمن بالقلب و ما أحب
ويسأله الصديق
ــ من هذه يا صديقي ؟؟؟
يجيبه بنية سالمة
ــ شقيقة عمري . حليلة المستقبل . شذي عطري في هذه الحياة
… بعد شهرين بالتمام والكمال عاد من مدينة هو موظف حديثا في إحدى إداراتها العمومية ، عاد ليزف لها قراره بالتقدم لأسرتها طالبا يدها على سنة الله ورسوله ، وهو في الطريق يفاجأ بالجوقة النحاسية الخاصة بإقامة الحفلات الكبرى لإعطاء المناسبات رونقا بما تصدح به من عذب الألحان . كان يعرف كل أفرادها وطالما اصطحبهم لأي مكان هم قاصدوه للعزف . هذه المرة الأمر مختلف ، كلما تقدم نحوهم أظهروا له أنه غير مرحب به ، وكلما حملق في وجه أحدهم وجده يبكي ، حتى إذا ما ولجوا الزقاق الكائنة فيه دار حبيبته بدأت الحيرة تعلو قسمات محياه ، وبداخل نفس البيت الذي طالما منى نفسه لأعوام بالدخول اليه خاطبا حبيبة عمره ، دنت منه الخادمة وهي باكية تخبره أن الحفلة مقامة لزفاف شقيقة عمره بنفس الصديق الذي سأله من شهر فقط
ــ من هذه يا صديقي ؟؟؟
مصطفى منيغ

No comments: