في ذاكرتي امرأة
رواية من تأليف : مصطفى منيغ
(الفصل الثاني ــ الجزء الأول)
ــ لم يترك فراغا ، ولم يملأ الحيز نفسه بما يؤكد أنه سيد الموقف ، يحضر حينما لا يحتاج أحد رؤيته، وينسحب كلما لزم الأمر بقاءه، معادلة عجيبة، وتناقض ما بعده إلا الاعتراف بالفشل وترك هذه المهمة لسواي من ضباط الشرطة، وما أكثرهم عندنا في هذه المصلحة. لكن إن فعلت ذلك ماذا سيقال عني ، خاصة ورئيسي المباشر طالما سره ما تناولته تلك الإشاعة التي أفادت رغبتي في الاستقالة كلما عرضت علي الإدارة الإجابة على مثل الأسئلة ، التي حقيقة تكون دوما تعجيزية على قياس القضية التي نحن بصددها ، والتي تريدني المصلحة برمتها الإجابة بإحضار الجاني الحقيقي والكف عن ضياع المزيد من الوقت في الدوران حول نفس المعطيات الخالية من بصيص أمل مهما كان متواضعا تزرع في عملي حماس التقدم إلى الأمام مهما بدت الأشياء غامضة لحد الجهالة التامة بموقع رأس الخيط الرفيع المنسوجة به العملية ومن الأساس . الظاهر أنني سأكون في حاجة إلى مساعدة تلك الإنسانة المعذبة التي ما فتئت تتنهد وهي تقص علي حكاية الرجل / الغز . تتنهد ؟؟؟ ، أجل قلتها من هنيهة فقط، ولما التنهد ما دامت بين أحضان تحس أن صاحبها يكن لها المحبة والاحترام. والتنهد لا يصدر إلا عن مهموم بجراح تسرب مفعولها إلى مهجته جراء حادث محزن تعرض له بغثة وبدون سابق إنذار ؟؟؟… لا .. لا .. لا، أشم رائحة " إن " في الواجهة تحذرني مما سمعت جملة وتفصيلا على لسان تلك المرأة / اللغز قد تردد، الظاهر أن الإلغاز تجمعت كمؤامرة عفوية مدبرة ضد كفاءاتي المهنية تجردني من استعمال أي وسيلة تقودني حتما لمسك رأس ذاك الخيط اللعين… لكن ، ومهما تشعبت الأفكار لتملي علي ما يجب فعله كخطوة أولى في مجال التقصي الفوري للتحكم المبدئي في قاعدة التحرك صوب الهدف المباشر دون وسائط ولا قناعات مشيدة على فرضيات مشكوك في جديتها ، بالأحرى صحتها . سأستمع للمرة العاشرة لما ستخلصه ذهني المفعم بكل الصور التي التقطتها عيناي في نفس المكان وتلك المسكينة واقفة فيه تجيب عن سلسلة استفساراتي . أحيانا بكلمة نابعة عن فلتة لسان نصطاد المعلومة القيمة التي نكون بها قادريين على بسط استنتاج نخص به متابعة مسلك يؤدي بنا إلى ملامسة المطلوب إدراكه. أتذكر أنني سألتها : هل كان يشتغل مزارعا ؟ ، قد يبدو بسيطا هذا السؤال، أليس كذلك ؟ ، أهميته تكمن في ترك المستجوب ينحاز للتدقيق في الإجابة حتى لا يطعن في صدق أقواله ، فإن لم يعرف المجال الذي يشتغل فيه من يرتبط معه بعلاقة حميمة ، فمعنى ذلك أنه إما ممثل يتقمص دور المغفل ، أو مجرد عابر لا يؤتمن وغير ذي مصداقية أصلا في هذه القضية.لكن ألا نجد في إجابتها نوعا من الهروب المبطن بذكاء في انتقاء العبارات حتى يأتي الجواب فارغا من أي محتوي يساعد على الوثبة المباشرة لاستدراك للخطوة الثانية ؟ ، وفلسفة منطوية على بعد مكشوف اتقاء الوقوع في تدرج كلامي لا يحمد عقباه ؟ . قالت بالحرف الواحد:" يزرع في دنيا الغموض ويفخر ، لأنه لا يقوى على العيش إلا وسط المزارعين وبين حقولهم "
هنا بالذات يلج المكتب مساعده الرئيسي متمما جملة بدأها قبل فتح الباب
ــ … وأنت هنا ماذا تفعل ؟
ــ أفكر بصوت مرتفع ( يجيب الضابط متعجبا من مثل التصرف غير المألوف من لدن مساعده
رواية من تأليف : مصطفى منيغ
(الفصل الثاني ــ الجزء الأول)
ــ لم يترك فراغا ، ولم يملأ الحيز نفسه بما يؤكد أنه سيد الموقف ، يحضر حينما لا يحتاج أحد رؤيته، وينسحب كلما لزم الأمر بقاءه، معادلة عجيبة، وتناقض ما بعده إلا الاعتراف بالفشل وترك هذه المهمة لسواي من ضباط الشرطة، وما أكثرهم عندنا في هذه المصلحة. لكن إن فعلت ذلك ماذا سيقال عني ، خاصة ورئيسي المباشر طالما سره ما تناولته تلك الإشاعة التي أفادت رغبتي في الاستقالة كلما عرضت علي الإدارة الإجابة على مثل الأسئلة ، التي حقيقة تكون دوما تعجيزية على قياس القضية التي نحن بصددها ، والتي تريدني المصلحة برمتها الإجابة بإحضار الجاني الحقيقي والكف عن ضياع المزيد من الوقت في الدوران حول نفس المعطيات الخالية من بصيص أمل مهما كان متواضعا تزرع في عملي حماس التقدم إلى الأمام مهما بدت الأشياء غامضة لحد الجهالة التامة بموقع رأس الخيط الرفيع المنسوجة به العملية ومن الأساس . الظاهر أنني سأكون في حاجة إلى مساعدة تلك الإنسانة المعذبة التي ما فتئت تتنهد وهي تقص علي حكاية الرجل / الغز . تتنهد ؟؟؟ ، أجل قلتها من هنيهة فقط، ولما التنهد ما دامت بين أحضان تحس أن صاحبها يكن لها المحبة والاحترام. والتنهد لا يصدر إلا عن مهموم بجراح تسرب مفعولها إلى مهجته جراء حادث محزن تعرض له بغثة وبدون سابق إنذار ؟؟؟… لا .. لا .. لا، أشم رائحة " إن " في الواجهة تحذرني مما سمعت جملة وتفصيلا على لسان تلك المرأة / اللغز قد تردد، الظاهر أن الإلغاز تجمعت كمؤامرة عفوية مدبرة ضد كفاءاتي المهنية تجردني من استعمال أي وسيلة تقودني حتما لمسك رأس ذاك الخيط اللعين… لكن ، ومهما تشعبت الأفكار لتملي علي ما يجب فعله كخطوة أولى في مجال التقصي الفوري للتحكم المبدئي في قاعدة التحرك صوب الهدف المباشر دون وسائط ولا قناعات مشيدة على فرضيات مشكوك في جديتها ، بالأحرى صحتها . سأستمع للمرة العاشرة لما ستخلصه ذهني المفعم بكل الصور التي التقطتها عيناي في نفس المكان وتلك المسكينة واقفة فيه تجيب عن سلسلة استفساراتي . أحيانا بكلمة نابعة عن فلتة لسان نصطاد المعلومة القيمة التي نكون بها قادريين على بسط استنتاج نخص به متابعة مسلك يؤدي بنا إلى ملامسة المطلوب إدراكه. أتذكر أنني سألتها : هل كان يشتغل مزارعا ؟ ، قد يبدو بسيطا هذا السؤال، أليس كذلك ؟ ، أهميته تكمن في ترك المستجوب ينحاز للتدقيق في الإجابة حتى لا يطعن في صدق أقواله ، فإن لم يعرف المجال الذي يشتغل فيه من يرتبط معه بعلاقة حميمة ، فمعنى ذلك أنه إما ممثل يتقمص دور المغفل ، أو مجرد عابر لا يؤتمن وغير ذي مصداقية أصلا في هذه القضية.لكن ألا نجد في إجابتها نوعا من الهروب المبطن بذكاء في انتقاء العبارات حتى يأتي الجواب فارغا من أي محتوي يساعد على الوثبة المباشرة لاستدراك للخطوة الثانية ؟ ، وفلسفة منطوية على بعد مكشوف اتقاء الوقوع في تدرج كلامي لا يحمد عقباه ؟ . قالت بالحرف الواحد:" يزرع في دنيا الغموض ويفخر ، لأنه لا يقوى على العيش إلا وسط المزارعين وبين حقولهم "
هنا بالذات يلج المكتب مساعده الرئيسي متمما جملة بدأها قبل فتح الباب
ــ … وأنت هنا ماذا تفعل ؟
ــ أفكر بصوت مرتفع ( يجيب الضابط متعجبا من مثل التصرف غير المألوف من لدن مساعده
ــ بمرتفع أو منخفض، الملف لم يعد من اختصاصنا
ــ من قال بهذا ؟
ــ لم يقل ، بل أمر به
ــ من ؟
ــ المدير العام بنفسه ، لقد حضر إلى هنا وأسمع رئيس المصلحة كلاما، لو كنت حاضرا وطرق أذنيك لقدمت استقالت فورا دون أدنى تفكير
ــ للمرة الألف أخبرك أنني لن أقدم هذه الاستقالة تحت أي ضغط كان ، ولن يهنأ رئيس المصلحة ولا المدير العام نفسه بهذه اللحظة التاريخية وأنا أتنازل " لسعادتهما" عن عملي الذي حققت فيه أشواطا متقدمة من النجاح ، ÷ل تسمعني أيها المساعد ، لكن لم تخبرني بما حدث به رئيس المصلحة ، هلا قمت بذلك الآن من فضلك ؟
ــ بكل سرور ما دمت مصرا على ذلك، قال له وبصوت حاد جد مسموع
" تذكر يا هذا أنك فوق مكتبي مدون اسمك بقلم الرصاص، أتفهم أن يكون اسمك مدون بقلم الرصاص ماذا يعني ؟ .. معناه أنك لم تبدي أي جهد يجعل منك محط ثقتي الكاملة كتلك التي تستوجب أن انقل اسمك من كتابته بقلم الرصاص إلى كتابته بقلم الحبر … والحبر الأسود الجيد اصنع حتى يبقى مسجلا بلمعانه ما بقيت مسؤولا على هذه الإدارة ، ألا تخجل من نفسك ورجل طليق يسخر منك ومن مصلحتك هذه وأنت واقف تتفرج كأنك شخص عادي وليس قائد لمئات من أفراد قوى الأمن ؟ ، بأي منطق تريدني أن أخاطبك وأنت خلال هذه المدة غير القصيرة ما عبرت إلا عن متانة فشلك وعدم قدرتك على وضع أي إستراتيجية تمكنك من محاصرة " ذاك "، كأن التكوين، الذي انتقلت لتلقيه شرقا وغربا، مجرد نزهات سياحية للترويح عن نفسك، الحقيقة.. صبرت عليك كثيرا ، واستمعت لمعاذيرك أزيد من مرة ، وأظن حان الأوان لأضعك في المكانة التي تستحقها ، وقبل ذلك سأقترح عليك فرصة استثنائية أضعها بين يديك إرضاء لضميري المهني ، أمامك خمسة عشر يوما لتكون النتيجة مرضية ، الإخفاق عليك ممنوع ، إما النجاح التام أو مع السلام ، وما بقي أنت تعرفه بالتمام
(يتبع
No comments:
Post a Comment